اهم رجالات الدولة الوطنية
.
ولد الهادي نويرة يوم 6 أفريل 1911 بمدينة المنستير، وأنهى دراسته الثانوية في المعهد الثانوي بسوسة، وفي آخر العام الدراسي (أكتوبر 1932) أحرز على الجزء الاول من الباكالوريا ولم يرجع الىتونس الا بعد حصوله على الجزء الثاني في جويلية 1933، وفي تلك الصائفة شارك في تأسيس الشعبة الدستورية بالمنستير باشراف عضو اللجنة التنفيذية الحبيب بورقيبة. ورجع في اكتوبر الى باريس صحبة اخيه المحسن، وفي العطلة الصيفية عاد وحده الى المنستير وألقى في احدى الليالي مسامرة حضرها فيمن حضرها المراقب المدني الفرنسي بمدينةسوسة. وعامل المنستير، أثارت حفيظة الاول فغادر الاجتماع غاضبا، الأمر الذي جعل الهادي نويرة يهرب قبل انتهاء العطلة الى فرنسا بطرق ملتوية، ولم يعد الى تونس الا عام 1937 بعد ان اكمل تعليمه.
واثر العودة انضم المناضل الراحل الى سلك المحاماة ليواصل نضاله في صلب الحزب ثم ككاتب عام للجامعة النقابية للعمال التونسيين. وقد اشتهر بافتتاحياته التي كان ينشرها بجريدة «الميسيون» «Mission»، والتي كان يوضح فيها سياسة الحزب الدستوري ضد الاستعمار الفرنسي.
وفي عام 1938، وتحديدا اثر حوادث 9 أفريل الدامية، اعتقلته السلطات الفرنسية بتهمة القيام باعمال تخريبية واعتقل قادة الحزب ومناضلوه، وزج بهم في السجن العسكري بتونس (الحبيب بورقيبة، صالح بن يوسف، المنجي سليم) ثم نقلوا الى حصن «سان نيكولا» في مرسيليا. ولم تنقص هذه الاجراءات من الاضطرابات والانتفاضات، وظل الحزب الدستوري الجديد متصدرا للنضال ضد المستعمر الغاشم.
وأطلق سراح الهادي نويرة وزملائه على اثر الاحتلال الالماني لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، فعاد الى تونس، وأصبح كاتبا عاما للحزب. وفي عامي 1952 و1953 اعتقل مرة أخرى بسبب نشاطه السياسي، وفي عام 1954 تخلى عن العمل الحزبي وتفرغ للمحاماة، ولم يدم ذلك طويلا، اذ وافق بعد مدة قصيرة أن يصبح وزيرا للتجارة في حكومة الاستقلال الذاتي التي ترأسها الطاهر بن عمار، وفي 1956 عين وزيرا للمالية في أول حكومة مستقلة في تونس برئاسة الحبيب بورقيبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح همه الوحيد تخليص البلاد من الوضع المالي والاقتصادي المتردي الذي كانت تعيشه تحت الاستعمار الفرنسي. وأظهر المناضل الهادي نويرة حسبما ورد في كتاب سلسلة مشاهير لمحمد بوذينة قدرة خارقة على اعادة التوازن المالي، وتطهير الوضع الاقتصادي من مخلفات سيطرة المؤسسات الفرنسية.
وشارك الهادي نويرة في المحادثات الخاصة لتخليص العملة التونسية من هيمنة العملة ا لفرنسية فأسس البنك المركزي التونسي، وكان اول ممثل لتونس لدى صندوق النقد الدولي منذ انخراطها في هذه الهيئة المالية الدولية عام 1958، وتقلد المناضل الكبير عدة مناصب حزبية، فقد انتخب عضوا بالمجلس الوطني في المؤتمر الثاني للحزب الجديد ثم كاتبا عاما للحزب الاشتراكي الدستوري منذ 7 نوفمبر 1979، وفي 27 ديسمبر من نفس العام تمت ترقيته الى رتبة وزير دولة مع احتفاظه بمنصب محافظ البنك المركزي.
وكان المناضل من اول المعارضين لسياسة احمد بن صالح الذي كان مقربا من الزعيم الحبيب بورقيبة، وعندما جرد احمد بن صالح من مناصبه الحكومية وحوكم كان ذلك مؤشرا على ارتفاع اسهم الهادي نويرة، وحينما كلف رئيس الوزراء انذاك بالذهاب الى الاردن لرئاسة بعثة التوفيق التي ارسلتها الجامعة العربية، اختير الهادي نويرة ليقوم بمسؤولية الوزارة الاولى بالنيابة وفي 2 نوفمبر 1970 اصبح الهادي نويرة وزيرا اول:
ورغم أنه ارتقى الى المسؤولية الاولى في ظرف سياسي صعب، فقد سعى منذ البداية لتحويل الاهتمام للوضع الاقتصادي حتى تجد البلاد. موقعا لها في النظام المالي الجديد، وكان على الوزير الاول الجديد ان يخلص البلاد من تبعات سياسة التعاضد، فدعا لتسهيل التراتيب الادارية وتطهير المؤسسات العمومية، وتحرير المبادرة الفردية. ويقول الهادي نويرة في هذا الصدد: «فما للدولة من وظيفة كبيرة، لا ينفي ان للافراد ايضا دورا أولا بالذات، لأن جهودهم ومبادراتهم تمثل أحد العوامل الهامة التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية»، (المؤتمر الثامن للحزب المنستير 1971).
وقاد الهادي نويرة سياسة اقتصادية تحريرية كانت ترمي الى تخفيض السياسة الجبائية وتحرير الاقتصاد التونسي من القوانين والتشريعات التي تعيق حركته، كما اصدر قانون افريل 1972 الشهير الذي انتصبت بفضله عشرات المؤسسات الاقتصادية في تونس.
وظهرت قوة الهادي نويرة السياسية في جانفي 1974 عندما ألغى الوحدة التي كانت ستقام بين تونس وليبيا. فقد اعلن فجأة أن البلدين ستؤلفان اتحادا وظهر ان وزير الخارجية محمد المصمودي كان وراء الاتفاقية بدون علم الوزير الاول الهادي نويرة. وكان الاخير في زيارة خارج البلاد، فلما عاد استطاع ان يلغي الاتفاقية، وأقيل المصمودي من منصبه، وتأجل الاستفتاء المتفق عليه بصدد الوحدة، كما عاش الهادي نويرة عدة أحداث كبيرة في تاريخنا الحديث أبرزها حوادث 26 جانفي 1978 والصراع مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ثم جاءت حوادث قفصة في جانفي 1980 فتأثر الرجل وأصيب بالفالج وغادر منصبه كرئيس للحكومة، وإذا أردنا استخلاص اهم مميزات شخصية هذا الرجل يمكننا القول انه كان شديد الاعتدال في المواقف، يضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار، كما كان من انصار الليبيرالية الاقتصادية ومتشددا في تطبيق القوانين، وفي التصرف في المال العام مما أكسبه احترام كل الاطراف داخليا وخارجيا، وفي عام 1980 اشتد مرضه وأجرى عملية جراحية كللت بالنجاح، لكنها لم تفلح في اعادة حيويته المعهودة، ثم شهد تغيير السابع من نوفمبر 1987 يحقق بعضا من احلامه مثل التحرير الجاري للدينار، وذلك قبل ان يستسلم للموت في 25 جانفي .
ولد الهادي نويرة يوم 6 أفريل 1911 بمدينة المنستير، وأنهى دراسته الثانوية في المعهد الثانوي بسوسة، وفي آخر العام الدراسي (أكتوبر 1932) أحرز على الجزء الاول من الباكالوريا ولم يرجع الىتونس الا بعد حصوله على الجزء الثاني في جويلية 1933، وفي تلك الصائفة شارك في تأسيس الشعبة الدستورية بالمنستير باشراف عضو اللجنة التنفيذية الحبيب بورقيبة. ورجع في اكتوبر الى باريس صحبة اخيه المحسن، وفي العطلة الصيفية عاد وحده الى المنستير وألقى في احدى الليالي مسامرة حضرها فيمن حضرها المراقب المدني الفرنسي بمدينةسوسة. وعامل المنستير، أثارت حفيظة الاول فغادر الاجتماع غاضبا، الأمر الذي جعل الهادي نويرة يهرب قبل انتهاء العطلة الى فرنسا بطرق ملتوية، ولم يعد الى تونس الا عام 1937 بعد ان اكمل تعليمه.
واثر العودة انضم المناضل الراحل الى سلك المحاماة ليواصل نضاله في صلب الحزب ثم ككاتب عام للجامعة النقابية للعمال التونسيين. وقد اشتهر بافتتاحياته التي كان ينشرها بجريدة «الميسيون» «Mission»، والتي كان يوضح فيها سياسة الحزب الدستوري ضد الاستعمار الفرنسي.
وفي عام 1938، وتحديدا اثر حوادث 9 أفريل الدامية، اعتقلته السلطات الفرنسية بتهمة القيام باعمال تخريبية واعتقل قادة الحزب ومناضلوه، وزج بهم في السجن العسكري بتونس (الحبيب بورقيبة، صالح بن يوسف، المنجي سليم) ثم نقلوا الى حصن «سان نيكولا» في مرسيليا. ولم تنقص هذه الاجراءات من الاضطرابات والانتفاضات، وظل الحزب الدستوري الجديد متصدرا للنضال ضد المستعمر الغاشم.
وأطلق سراح الهادي نويرة وزملائه على اثر الاحتلال الالماني لفرنسا خلال الحرب العالمية الثانية، فعاد الى تونس، وأصبح كاتبا عاما للحزب. وفي عامي 1952 و1953 اعتقل مرة أخرى بسبب نشاطه السياسي، وفي عام 1954 تخلى عن العمل الحزبي وتفرغ للمحاماة، ولم يدم ذلك طويلا، اذ وافق بعد مدة قصيرة أن يصبح وزيرا للتجارة في حكومة الاستقلال الذاتي التي ترأسها الطاهر بن عمار، وفي 1956 عين وزيرا للمالية في أول حكومة مستقلة في تونس برئاسة الحبيب بورقيبة، ومنذ تلك اللحظة أصبح همه الوحيد تخليص البلاد من الوضع المالي والاقتصادي المتردي الذي كانت تعيشه تحت الاستعمار الفرنسي. وأظهر المناضل الهادي نويرة حسبما ورد في كتاب سلسلة مشاهير لمحمد بوذينة قدرة خارقة على اعادة التوازن المالي، وتطهير الوضع الاقتصادي من مخلفات سيطرة المؤسسات الفرنسية.
وشارك الهادي نويرة في المحادثات الخاصة لتخليص العملة التونسية من هيمنة العملة ا لفرنسية فأسس البنك المركزي التونسي، وكان اول ممثل لتونس لدى صندوق النقد الدولي منذ انخراطها في هذه الهيئة المالية الدولية عام 1958، وتقلد المناضل الكبير عدة مناصب حزبية، فقد انتخب عضوا بالمجلس الوطني في المؤتمر الثاني للحزب الجديد ثم كاتبا عاما للحزب الاشتراكي الدستوري منذ 7 نوفمبر 1979، وفي 27 ديسمبر من نفس العام تمت ترقيته الى رتبة وزير دولة مع احتفاظه بمنصب محافظ البنك المركزي.
وكان المناضل من اول المعارضين لسياسة احمد بن صالح الذي كان مقربا من الزعيم الحبيب بورقيبة، وعندما جرد احمد بن صالح من مناصبه الحكومية وحوكم كان ذلك مؤشرا على ارتفاع اسهم الهادي نويرة، وحينما كلف رئيس الوزراء انذاك بالذهاب الى الاردن لرئاسة بعثة التوفيق التي ارسلتها الجامعة العربية، اختير الهادي نويرة ليقوم بمسؤولية الوزارة الاولى بالنيابة وفي 2 نوفمبر 1970 اصبح الهادي نويرة وزيرا اول:
ورغم أنه ارتقى الى المسؤولية الاولى في ظرف سياسي صعب، فقد سعى منذ البداية لتحويل الاهتمام للوضع الاقتصادي حتى تجد البلاد. موقعا لها في النظام المالي الجديد، وكان على الوزير الاول الجديد ان يخلص البلاد من تبعات سياسة التعاضد، فدعا لتسهيل التراتيب الادارية وتطهير المؤسسات العمومية، وتحرير المبادرة الفردية. ويقول الهادي نويرة في هذا الصدد: «فما للدولة من وظيفة كبيرة، لا ينفي ان للافراد ايضا دورا أولا بالذات، لأن جهودهم ومبادراتهم تمثل أحد العوامل الهامة التي تقوم عليها التنمية الاقتصادية»، (المؤتمر الثامن للحزب المنستير 1971).
وقاد الهادي نويرة سياسة اقتصادية تحريرية كانت ترمي الى تخفيض السياسة الجبائية وتحرير الاقتصاد التونسي من القوانين والتشريعات التي تعيق حركته، كما اصدر قانون افريل 1972 الشهير الذي انتصبت بفضله عشرات المؤسسات الاقتصادية في تونس.
وظهرت قوة الهادي نويرة السياسية في جانفي 1974 عندما ألغى الوحدة التي كانت ستقام بين تونس وليبيا. فقد اعلن فجأة أن البلدين ستؤلفان اتحادا وظهر ان وزير الخارجية محمد المصمودي كان وراء الاتفاقية بدون علم الوزير الاول الهادي نويرة. وكان الاخير في زيارة خارج البلاد، فلما عاد استطاع ان يلغي الاتفاقية، وأقيل المصمودي من منصبه، وتأجل الاستفتاء المتفق عليه بصدد الوحدة، كما عاش الهادي نويرة عدة أحداث كبيرة في تاريخنا الحديث أبرزها حوادث 26 جانفي 1978 والصراع مع الاتحاد العام التونسي للشغل، ثم جاءت حوادث قفصة في جانفي 1980 فتأثر الرجل وأصيب بالفالج وغادر منصبه كرئيس للحكومة، وإذا أردنا استخلاص اهم مميزات شخصية هذا الرجل يمكننا القول انه كان شديد الاعتدال في المواقف، يضع مصلحة الدولة فوق كل اعتبار، كما كان من انصار الليبيرالية الاقتصادية ومتشددا في تطبيق القوانين، وفي التصرف في المال العام مما أكسبه احترام كل الاطراف داخليا وخارجيا، وفي عام 1980 اشتد مرضه وأجرى عملية جراحية كللت بالنجاح، لكنها لم تفلح في اعادة حيويته المعهودة، ثم شهد تغيير السابع من نوفمبر 1987 يحقق بعضا من احلامه مثل التحرير الجاري للدينار، وذلك قبل ان يستسلم للموت في 25 جانفي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اضف تعليقك.. واترك بصمتك