من بركات الإسلام السياسي في الحكم دعا راشد الغنوشي، زعيم حزب النهضة الإسلامي الحاكم في تونس، في خطبة الجمعة، إلى تطبيق حد الجلد، على “المتكلمين في أعراض الناس بلا دليل ولا برهان”، في إشارة إلى المدونة ألفة الرياحي، التي نشرت منذ يومين، في مدونتها الشخصية وثائق تدين وزير الخارجية، وصهر الغنوشي رفيق عبد السلام، “بالفساد وإهدار المال العام”، كما اتهمته أيضا “بالخيانة الزوجية”.
ووصف الغنوشي، ما أتته المدونة “بأخلاق المنافقين”، واعتبر “أن المجتمع المسلم السليم ينبغي له أن يتجنب المس بأعراض الناس ونشر الفاحشة بين المسلمين وذكّر بالعقوبة الدنيوية والأخروية التي أقرها الله عز وجل لمن يقذف الناس في أعراضهم بدون وجه حق”، ودعا المسلمين إلى “أن يتحلوا بالأخلاق الحميدة وأن يتعاونوا على ما فيه الخير للأمة كلها”.
ونشر الموقع الرسمي لحركة النهضة تكذيباً رسمياً للخبر الرائج ببعض المواقع الالكترونية حول تورط وزير الخارجية السيد رفيق عبد السلام في عملية إهدار المال العام والتورط في الفساد والخيانة الزوجية.
كما كذب الموقع الاتهامات الموجهة للوزير بالخيانة الزوجية، معتبراً أنها “تندرج في إطار “حرب سياسية ضدّ عائلته وحزبه والحكومة”، وأكد “أنّ المرأة التي ذكرتها المدونة ألفة الرياحي هي إحدى أقاربه”، وبدورها “كذبت المرأة ما نسب للوزير، وقالت إن “زوجها سيرفع قضية ضد المدونة”.
وكانت المدونة الرياحي قد صرحت لموقع “الصباح نيوز”، بأن “المرأة لا تمت بأي صلة قرابة للوزير”، وأضافت بأن “كل المقربين منه لا يعلمون بذلك”، ما يدلل على أن الرياحي تملك وثائق مهمة وقد “تدين” الوزير.
وكان نشر المدونة ألفة الرياحي، لوثائق اتهمت فيها وزير الخارجية، رفيق عبد السلام، بالفساد وبإهدار المال العام، وبالخيانة الزوجية، قد أحدث ردود أفعال متباينة داخل المشهد السياسي، المتسم أصلا بحدة الاستقطاب بين الحزب الحاكم ومعارضيه.
وتباينت المواقف، بين مندد بما حصل- لو تم التأكد فعلا من حدوثه- وبين رافض للسقوط في مثل هذه “الاتهامات” لتصفية الحسابات السياسية، على اعتبار أن المزاج العام وكذلك “الثقافة السياسية” في تونس، غير متعودة على مثل هذه القضايا، بل هناك رفض لها، وتبنى لمقولة النأي بالحياة الشخصية عن الوظيفة العمومية، وهي من إرث الثقافة الفرنسية التي تعطي بعداً قدسياً للشأن الشخصي للمسئول السياسي، من ذلك أن الفرنسيين لم “يحتجوا” على زواج ساركوزي من الفنانة الإيطالية كارلا بروني، واعتبروا الأمر “شأناً شخصياً” بامتياز.
الوزير ومستقبله السياسي
غير أنه لا يستبعد، أن تعرف هذه “القضية” تطورات وتفاعلات، خلال الأيام القادمة، خاصة في ظل تمسك “المدونة” بما نشرته، وأن لها من الوثائق والمستندات، ما يؤكد اتهاماتها، بل إنها تحدت الوزير في رفع قضية أمام المحاكم.
في المقابل تمسك الوزير بنفي ما نسب إليه، وخاصة في القضية المتعلقة بالمرأة، وقال إنها “قريبته”، وهي “حجة” لم ترتق إلى “إقناع” الرأي العام التونسي، الذي ما زال يشكك في تزامن إقامة الوزير و”قريبته” في نفس الليلة.
وبعيدا عن الخوض في مدى “صحة” رواية المدونة، فإن القضية سوف ترمي بظلالها على المشهد السياسي التونسي، وسيكون لها تأثير كبير على المستقبل السياسي لوزير الخارجية، كما أنها ستزيد من تغذية الانتقادات التي يتعرض لها، بعد أن عبر العديد من المعارضين وكذلك من داخل حزب النهضة الحاكم عن عدم رضاهم عن أداء وزير الخارجية، وتعدى ذلك إلى المطالبة بإقالته في التغيير الوزاري القادم.
عبر الكثير من الإعلاميين والسياسيين في تونس عن رفضهم لما جاء في خطبة الغنوشي.
اعتبر الصحفي معز زيود، “أنه كان على الغنوشي، التأكيد على ضرورة الاحتكام للقضاء، وخاصة فيما يتصل باتهامه بالفساد والتلاعب بالمال العام”، مشيراً إلى كون “اتهام صهره بمعاشرة امرأة أخرى، تبقى مسألة شخصية ولا تهم الرأي العام”
وفي هذا الإطار قال المحلل السياسي منذر ثابت في تصريح لـ “العربية نت”، إن “كلام الشيخ الغنوشي، فيه تنكر لمدنية الدولة، ودعوة صريحة لتطبيق الشريعة الإسلامية، وتحديدا في بعدها المعروف بالحدود”.
وبيّن زياد كريشان، رئيس تحرير جريدة “المغرب”، في تصريح لـ “العربية نت” بأن ما ورد في خطبة الجمعة، على لسان زعيم حزب سياسي، “يعبر عن الخلط بين الديني والسياسي لدى حركة النهضة، وتوظيف للمقدس في الصراع السياسي الدائر في تونس، كما أنه تنكر من الغنوشي لما سبق وأعلن عنه، والمتمثل في تخليه عن الدعوة لتضمين تطبيق الشريعة في الدستور”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اضف تعليقك.. واترك بصمتك