ولد الطاهر بن علي بن بلقاسم الحداد سنة 1899 بتونس العاصمة، حيث استقر مع والده بعد نزوحهما إلى العاصمة من حامة قابس مسقط رأسيهما، نشأ في وسط متواضع، تلقى تعليمه في الكتّاب، ثم بجامع الزيتونة وله من العمر اثنتا عشرة سنة بعد وفاة والده سنة 1920م غادر الحداد جامع الزيتونة إثر حصوله على شهادة التطويع ليشتغل ماسك دفاتر وكاتبا بالجمعية الخيرية. في عام 1921م التحق بمدرسة الحقوق العليا التونسية وكان مهتما بالنشاط السياسي والنقابي في إطار الحزب الحرّ الدستوري القديم حتّى عام 1930م.
من الأعمال المهمة التي تركها الطاهر الحداد مجموعة من الخواطر والومضات التي تؤرخ لتحولات الطاهر الحداد ولمحطات في حياته وقد كان محمد أنور بوسنينة أول من نشر هذه الخواطر بنفس العنوان سنة 1975 ويقول بوسنينة عن هذه الخواطر « يقع هذا المخطوط في ثلاثة عشرة صفحة صفراء وبيضاء مختلفة الأشكال مكتوبة حبرا ازرق على وجه واحد أو على وجهين ، والترقيم تواصل إلى الخاطرة رقم 41 أما التشطيب على بعض الكلمات والجمل فيلاحظ ابتداء من الخاطرة رقم 36 وتواصل إلى النهاية».
ويضيف «وان لم يتجاوز عدد هذه الخواطر ثلاثا وستين خاطرة إلا أنها عصارة تجاربه وآرائه في الحياة بكل ما قدمت له هذه الحياة من أحداث سمع عنها أو رآها ثم ذكرها ولخص رأيه فيها وبكل ما حدث من أمور في ماضي أيامه ثم خطرت بباله فذكرها بعد نسيان واستنتج منها عبرا خلدها في هذه الأقوال القليلة اللفظ الكبيرة المعاني ».
ويضيف « خواطره كتبها في آخر سنين حياته وما كان شيخا طاعنا في السن أو مريضا حدقت به العلل ولكنه الإدراك الخفي والبصيرة الباصرة جعلته حاكما على الأشياء، الأحداث مبديا رأيه فيها مسلطا عقله الكاشف عليها وفي النهاية مستقرئا ومستنتجا فكأنه اصبح يشعر بان الحياة بدأت تهد من كيانه فبادر بالتسجيل قبل فوات الأوان وهو في كل ذلك مثل خفقة الذبالة الأخيرة كمنذر بانطفاء السراج لكن ما انطفأ النور وما ساد الظلام فأفكار ذلك العقل الخلاق والقلب المتضرم ما تزال تهدئ سواء السبيل».
ومن بين شذراته كتب سنة 1933 «الإنسان الكامل يحب الله بقدر ما في أعماقه من حب الحياة والشوق الملتهب إلى المثل الأعلى « وجاءت هذه الشذرة بعنوان «الله والحياة» ويقول عن الإيمان «المؤمن هو الذي يعطي من ذاته في سبيل إيمانه والكافر هو الذي يؤمن بذاته فيأخذ لها من إيمان الناس بخداعهم» ويقول عن الإسلام « الإسلام ثورة على القديم ، ونداء للتحرر من تقليد الآباء والأجداد ، وبعث لحياة التجديد والتوليد ، ولكن المسلمين هم الذين حولوه بتقديس أسلافهم واحتقار انفسهم إلى سد يفصل بينهم وبين الحياة ».
أما عن الحرية فيقول «الشعب الذليل يهتف ويتحمس للحرية حينما يثور فيه الشعور بانضغاط حياته ولكنه في سائر أيامه يفتخر بالتقرب من حكامه ويحملهم بما فيه من عوامل الإغراء على إطلاق ايديهم فيه» وفي شذرة أخرى يقول عن الحرية «الحرية ليست انطلاقا من قيود الحياة ولكنها تسعى لنقاء الحياة من الأوهام المتحجرة حولها».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اضف تعليقك.. واترك بصمتك