الحبيب عاشور اسم التصق بالنضال النقابي والوطني وبالاتحاد العام التونسي للشغل وبالسجون والابعاد قبل الاستقلال وخاصة بعده وهو من مواليد 25 سبتمبر 1913 بقرية العباسية بقرقنة بدأ دراسته الابتدائية بالكلابين مع قريب له هو فرحات حشاد وتحصلا معا على الابتدائية ثم واصل تعلمه بالمعهد الفني بتونس (اميل لوبي) حيث تعرف حركة النضال الوطنية وانخرط عند جوعه الى صفاقس سنة 1934 في العمل النقابي (الكنفدرالية العامة للشغل) (C G T) وفي الحزب الحر الدستوري الجديد، وقد بدأ النشاط النقابي بكثافة بعد الحرب العالمية الثانة.
كان يعمل في بلدية صفاقس وساهم في اعادة تأسيس (C G T) بصفاقس وساهم في مؤتمره (مارس 1944) وانسلخ عن هذه الكنفدرالية التي يهيمن عليها الحزب الشيوعي بانتخاب 17 عضوا من بين 21 عضوا للهيئة الادارية ويعود سبب الانسلاخ مع حشاد الى البرنامج الاساسي للحزب الشيوعي الذي يقوم على تعبئة كل الطاقات لتحرير فرنسا اي ان هذا التوجه لا يعطي أهمية للمطالب العملية ولا يهتم بقضية الاستعمار.
وكوّن مع فرحات حشاد بعد هذا الانسلاخ من (C G T) اتحاد النقابات المستقلة للجنوب اواخر اكتوبر 1944، ولتبرير الخروج او الانسلاخ اصدر مجموعة من المناشير في 6 نوفمبر 1944 اكد فيها اهمية مبدأ استقلالية العمل النقابي.
وكان نضال عاشور ذا بعد وطني من ذلك انه استقبل في منزله بصفاقس الحبيب بورقيبة وهو في طريقه الى مصر خلسة (افريل 1945) وقد ألقي القبض على عاشور بعد أيام من خروج بورقيبة.
وعند تأسيس الاتحاد في 20 جانفي 1946 تسلم مهمة كاتب عام الاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس علما انه عند التأسيس كان من بين النقابات المؤسسة 29 نقابة تنتمي الى اتحاد النقابات المستقلة بالجنوب.
وشهد يوم 7 اوت 1945 اول اضراب كان فيه التحام مع المستعمر وكانت احداث دامية شهدت اول محاولة اغتيال رسمية لمناضل نقابي حيث تم استهدافه بطلق ناري واثر اعتقاله حوكم ب 5 سنوات سجنا و 10 سنوات ابعادا.
وفي زغوان اتصل بالمقاومة فألقي عليه القبض علما انه عند وفاة فرحات حشاد كان عاشور في السجن وبعد محاكمة شهيرة دافع فيها عنه منداس فرانس ولم تثبت ادانته وقع ابعاده الى باجة... وفي سنة 1955 أدّى عاشور دورا مهما في تنظيم مؤتمر الحزب الحر الدستوري الذي وصل ببورقيبة الى السلطة.
عاشور مناضل وطني صلب وفي مؤتمر صفاقس (1955) وقع اخذ ورد في بعض الاجتماعات التي لا يعرف البعض خلفياتها، فسنة 1955 كانت الوضعية الاجتماعية والسياسية تتسم بالتركيز على مطلب مهم لاتحاد الشغل يتمثل في قانون الفلاحة ذلك ان اسوأ وضعية اجتماعية كانت للفلاحين وعليه فان تأييد اتحاد الشغل لصالح بن يوسف لم يكن واردا ومساندة احمد بن صالح لبورقيبة كانت واضحة كذلك وعليه كانت كفة الحسابات مرجحة لبورقيبة لكن مقابل حصوله على دعم النقابيين لابد ان يدعم (بورقيبة) اللائحة الاقتصادية والاجتماعية للمؤتمر... وعليه فان تأييد بن يوسف لم يكن واردا وقد أدّى الحبيب عاشور دورا مهما في ذلك.
توجد قضية مهمة لم يكتب عنها الا القليل، وهي قضية الخلاف في مؤتمر 20 سبتمبر 1955 حيث تم اعداد برنامج اقتصادي دسم يقع في 105 صفحات... وقد اكد فيه احمد بن صالح ان مطلب التخطيط يختزل كل المطالب الاخرى وقد تولد عن هذا الاتجاه خلاف ليس بين الاشخاص وانما في التوجهات عمل بورقيبة على تشخيصه (شخصنته) واذكائه، مع العلم ان الحبيب بورقيبة طلب من قيادة الاتحاد المساهمة في الحكومة وهو ما طرح تحديات جديدة (اشكالية التوفيق بين الادارة والتسيير من ناحية والعمل المطلبي والنقابي من جهة اخرى).
وقد نتج عن هذا الخلاف تأسيس الحبيب عاشور للاتحاد التونسي للشغل (U T T).
وفي ما يتعلق بالقضية اليوسفية، فانه ينبغي علينا الاشارة أولا الى ان النقابيين كانوا في صفوف حركة النضال الوطني وعاشور فاعل بالطبع في هذا الاطار، ولما بدأ العنف والتصفيات الجسدية اتصل عاشور ببورقيبة ليحثه على حل الازمة بطرق سياسية على غرار القبول بفكرة بعث حزب ثان لكن عاشور فوجئ لما دخل منزل بورقيبة في المنستير فوجد بجانبه شخصين يفتخران بتعنيفهما لعناصر يوسفية، وهو ما زرع الشك او بدايات الشك في نفسه تجاه بورقيبة.
سنة 1964 وقع حدثان مهمان، الاول مؤتمر بنزرت حيث تبنى الحزب رؤية تقوم على الرؤية الاشتراكية (اصبح الحزب الاشتراكي الدستوري) مع اقرار المؤتمر الاشراف على المنظمات الوطنية، اما الامر الثاني فهو التقليص من قيمة الدينار. فكان الرفض من عاشور وكان مآله السجن سنة 1965 بعد ان رفعت عنه الحصانة البرلمانية ولم يقف الى جانبه الا احمد التليلي.
وعاد عاشور للعمل النقابي والسياسي سنة 1970 بعد فشل تجربة التعاضد... وأودع السجن من جديد سنة 1978 بعد احداث 26 جانفي وعاد الى المسؤولية النقابية سنة 1981، وبعد احداث الخبز سنة 1984 كانت الرغبة واضحة للقضاء على عاشور باعتباره غدا رمزا لاستقلالية العمل النقابي.
وقد تم ايداع عاشور السجن ليلة رأس عام 1985 بعد تهديد الوزير الاسبق الاول محمد مزالي له حيث خيّره بين تسليم مفاتيح الاتحاد «أو الحاق الأذى به وبعائلته وتصفيتها»، وقد أودع عاشور سجن الناظور وهي عملية اغتيال مقصودة نظرا لحالة الحبيب عاشور الصحية والمعرفة مسبقا بما يمكن ان يسبب له سجن الناظور من متاعب صحية. ولم يقع اطلاق سراحه الا يوم 8 نوفمبر 1987.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اضف تعليقك.. واترك بصمتك